موضوع: لا تكــن عشباً وأنت شجــرة !!!! السبت يونيو 12, 2010 6:33 pm
" أيتها العُشبة الغضَّة تحت قدمي عفوك عني أنا أدوسك لحظة ، ويدوسني الناس إلى الأبد " بان مو - شاعر صيني
العشبة ، نبات أرضي ، والأرضيُ موطوء ، وكل إنسان كان أرضيَّ الهمة سيوطأ . ومتى استمر بأرضيته فهو مستديم طلبِ الوطءِ وراضٍ به . الأشجار ، نباتٌ أرضيٌ ، لكنه سماويُ القامة ، فلا يقدر أن يطأه أحد .
الناس كالنباتِ ، فمن كان قد منح نفسه العُشبيةَ فهو سيُعاملُ كما يُعامَلُ العُشبُ ، يؤكلُ ، ويوطأُ ، ويُجزُّ ، بل ربما أُحرقَ ، وربما كان أكلاً لما يستحق وما لا يستحقُ . وعندها لا يلُم أحداً .
وآخرون كنباتٍ كبيرٍ ، أشجارٍ فارعة الطول ، باسقة في السماء ، لا ينالها إلا من هو مثلها ، والأشياء تجذب أشباهها ، منحوا أنفسهم أحوال الأشجار الكبرى ، معطاءة ، مُظلة ، مُلتجأٌ إليها ، فكانوا كذلك ، فعرفهم الناس بهذه ، وهم لزموا تلك الحال .
العُشبيون يغارون من الشجريين ، فلا يقفون عن بذل النقيصة بهم ، فإن تطاولَ العُشب ليصل الشجرة انقطع دون أن يُجاوز قدره ، ولا يمكن الوصول إليه إلا إذا انحنى الشَّجَريُّ إليه ، فيكون متنازلاً عن محله ، ومن ترك مكانه فغيره أحق به .
بين العشبيين والشجريين مفاوزُ معنوية ، وأُخرى حسية ، ولا تتم الحسية إلا بتمام المعنوية ، وكلٌّ يعطي الآخر ويُطعمه ، فعملية الحال بينهما : أعطني وأعطيك .
العُشبيةُ والشَّجريةُ ، صفتان مكتسبتان ، وقد تكونان جِبِلِّيتان ، ولكن اكتسابهما أكبر وأشد ، فكلُ إنسان في حالةٍ فهو مكتسب إياها ، وكل امريء مُيسَّر لمسعاه ..