أهلا وسهلا بك شيخنا أريد النصح والإرشاد لكثرة الكلام بلا فائدة وكثرة الغيبة والنميمة والظلم وجزاك الله خيرا أسأل الله أن يرزقك الإخلاص في السر والعلن
الجواب: وأهلا بك .
غالب كلام الإنسان إمَّا لَه وإمَّا عَليه . قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : أكثر الناس ذنوبا أكثرهم كلامًا في معصية الله . وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : لا يَتَّقِي الله عبدٌ حتى يَخْزِن مِن لِسَانه .
وقال عطاء بن أبي رباح رحمه الله : إن مَن قبلكم كانوا يَعُدّون فُضول الكلام ما عَدا كِتاب الله ، أوْ أمْر بمعروف أو نهي عن منكر ، أو أن تَنْطِق في مَعيشتك التي لا بُدّ لك منها . أتُنْكِرُون أن عليكم حافظين ، كِرَامًا كاتبين ، عن اليمين وعن الشمال قعيد ، ما يلفظ مِن قول إلاَّ لديه رقيب عتيد ؟ أمَا يَستحي أحدكم لو نُشِرَت صحيفة التي أملى صدر نهاره و ليس فيها شيء من أمر آخرته
قال عمر بن عبد العزيز لمحمد بن المنكدر : أي الْخِصَال أوْضَع للمرء ؟ قال : كثرة كلامه ، وإذاعته أسراره ، وثِقَتِه بِكُلّ أحَد .
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَنْ كَثُرَ كَلامُهُ كَثُرَ سَقْطُهُ . وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : لا خَيْرَ فِي فُضُولِ الْكَلامِ . وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ إنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ فُضُولُ الْكَلامِ . وقال الإمام مالك : كل شيء يُنتفع بِفَضْلِه إلاّ الكلام . قال ابن القيم : فُضول الكلام تفتح للعبد أبوابًا مِن الشر كُلها مَداخل للشيطان ، فإمساك فضول الكلام يَسُدّ عنه تلك الأبواب كلها ، وكم مِن حَرب جرتها كلمة واحدة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذ رضي الله عنه : وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلاَّ حصائد ألسنتهم ... وأكثر المعاصي إنما تولّدها مِن فُضول الكلام والنظر ، وهما أوسع مداخل الشيطان ، فإن جارحتيهما لا يملأن ولا يسأمان . اهـ .
وقال إياس بن معاوية : كل مَن لم يَعرف عَيبه فهو أحمق . قيل له : يا أبا واثلة فما عَيبك ؟ قال : كثرة الكلام !
وقال يحيى بن معاذ الرازي : القلب باب السكينة ، واللسان باب القلب ، فإذا ضاع الباب دخل مَن أراد ، وخَرَج مَن أراد .
وقد أمَر الله الفارِغ بالعبادة ، فقال : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) قال ابن كثير : أي: إذا فَرَغْت مِن مهامك فانصب في طاعته وعبَادَته ، لتكون فارِغ البال . قاله ابن زيد بمعناه أو قريب منه . اهـ .
وقال ابن المبارك : اغتنم ركعتين زلفى إلى الله *** إذا كنت فارغا مستريحا وإذا ما هممت بالنطق في الباطل *** فاجعل مكانه تسبيحا فاغتنام السكوت أفضل مِن *** خَوْض وإن كنت في الحديث فصيحا
فلينظر كل مِنّا في أقواله وأفعاله وأحواله .. فما يُحِبّ أن يَراه في صحائفه يوم القيامة فليأته ، وما لا يُحِبّ أن يراه فليدعه الآن . قال تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) . قال ابن كثير : وهذا تنبيه مِنه لِعباده على خوفه وخشيته ، وألاَّ يَرتكبوا ما نَهى عنه وما يَبْغضه منهم ، فإنه عَالِم بجميع أمورهم ، وهو قادر على معاجلتهم بالعقوبة ، وإنْ أنْظَر مَن أنْظَر منهم ، فإنه يُمْهِل ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر .
قال ميمونُ بنُ مِهران : المُتَّقي أشدُّ محاسبةً لنفسه من الشريكِ الشحيحِ لِشريكه .